علّموني صغاري ..

بالأمس كنت في زيارة لأبنائي , ما أن رأوني حتى احتضنوني , قبلوني .. وامسكوا يداي بشدة كي يستعرضوا علي ما افتقدته في الفترة الماضية , تفننوا بالاستعراض حتى بكيت ضحكاً على ماقدموه لي ..
حينَ كانوا يحدثونني عن قصصهم ويومياتهم كنت أتأملهم , أتأمل تفاصيلهم بدقة ..
أشعر بهم , نحن عندما نتغرب عن أوطاننا, أهلنا, وأحبائنا, نشعر بالحنين .. بالفقد والضياع ..
 نبكي كل يوم نريد أن يربت أحدهم على كتفينا لنشعر أننا لسنا لوحدنا !
لكن ذلك الشعور هو تولد دونَ هوية , تجهل أبويك , ولا تعلم من أنت ومن أين أتيت ..
ترى البقية يهنأوون في أحضان آبائهم وأمهاتهم , وأنت تشكي عدم وجود الصدر الذي يضمك !
هو ما يتحسس مكان ألمك بشدة ويضغط عليه ..
قال أحدهم للآخر : " الله يلعن أبوك " , رد عليه : هيييه أنت ما اسمح لك تلعن أبوي !!
 ثم قال له : أصلا أنت عندك أب ؟ تعرف أبوك ؟
صمتت أنا .. أفكر و أجهل ذنبهم ومصيرهم الذي قذفهم إلى هُنا
صغارٌ هم وقد يحاولون تناسي الألم الذي يتضاعف في داخلهم يوماً بعد الآخر ..
لكن حين يكبر أحدهم " يشعر , يبكي , يفرح , يرى العالم " سيتيقن بأنه مُختلف
أنا أرى في أبنائي اختلاف عن البقية ..
 ليس لأنهم أتوا لهذه الحياة بذنب آبائهم , و حماقة أمهاتهم ..
أنا أرى بأنهم سيكونون أقوى من الأولاد المدللين , سيبني ذاك نفسه , ويحقّق الآخر ما يتمنى
عاطفة تربطني بهم ليست صلة قرابة ولا دم ..
عاطفة قوية تشدّني إليهم وكأنهم يحدثونني بأن لا أتركهم لوحدِهم .. و أن يكبروا بجانبي ...
كانت معي إحدى صديقاتي التي للمرة الأولى ترى فيها أبنائي , رأيت في عينيها استغراب كيف لي أن انسجمت مع هؤلاء الصغار!!
ما أن خرجنا حتى سألتها : مابك ؟
ردت علي ببكــاء طويل.. ثم قالت : أنا أدرك شعور أن تحيا بلا أب , لكن شعور أن تحيا مجهول الهوية هو أقسى ألف مرّة !
-
حكمة :
,
( أن تُربي طفلاً , كـ أن تُولَد للحياة من جديد )
تتعلم من الأطفال , تتغير مفاهيمك , وأسلوبك
 تعلمت حكمتي هذه بعد أن بقيت معهم لـشهر واجهت بعض الصعوبات معهم
لكنهم علموني كيف لي أن أفرح , و لا أحزن كثيراً
كيف لي أن ابتسم , وأن لا أطيل بالبكاء ..
كيف لي أن أصبح قوية حتى دون أن يكون لي أم وأب أشكي إليهم من شتمني
أو ضربني .. أن آخذ حقي بيدي
 " إلهي لا تجعل في قلوبهم الصغيرة مثقال ذرة من حزن " 

تعليقات

  1. عزيزتي نوف ,
    إن من الجميل في الحياة التعلم ولو شيء بسيط من آمال الاطفال وطموحاتهم وهذا مايرسم لنا البسمه عندما نتحدث إليهم كما ذكرتي اعلاه . ومن جانب آخر ,التحدث إلى الاطفال ومناقشتهم عن بعض الإمور التي في مستوى اعمارهم وعندما نرى صفا القلوب وطيب النيات لديهم أفضل بكثير من الحديث مع كبار السن ذو القلوب السوداء مطعمه بالحقد والحسد والعياذ بالله.
    هنيئا لقلمك بك ...
    تحياتي..
    saam

    ردحذف
  2. شكراً لتشجيعك يا سام ..
    أنا مُمتنة لك يا صديقة(:

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة